هل للسحر حقيقة 00000
مذهب أهل السنة والجماعة أن السحر له حقيقة
فمنه ما يفرق بين المرء وزوجه وهو أكثرها وقوعًا
ومنه ما يسبب المرض
ومنه ما يصيب العقل بالجنون
ومنه ما يقتل
قال الله تعالى :
﴿قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد ﴾
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يستعيذ من شر النفاثات في العقد وهن السواحر اللاتي ينفثن في العقد ، وكيف يستعيذ مما لا حقيقة له ، فلما أمر بالاستعاذة منه دل على أن له حقيقة يستعاذ من شرها
وقال تعالى :
﴿وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ﴾
فأثبتت هذه الآية أنه ما يتعلم ويعلم وهذا يدل على أن له حقيقة
وقال تعالى :
﴿فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ﴾
وهذا التفريق حقيقة فهو أثر حسي مشاهد وهو بسبب السحر ، فدل على أن له حقيقة ، فهذا التفريق الحاصل بين الزوجين بسبب السحر إنما هو عمل الشياطين التي تطيع السحرة .
وفي الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( سحر النبي صلى الله عليه وسلم يهودي من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ... ) الحديث وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حل عنه :
« إن الله شفاني »
والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض فدل على أن له حقيقة وأنه يوجب المرض بإذن الله تعالى
ومما يدل على أن له حقيقة ما وقع من السحر لاثنتين من أمهات المؤمنين ، عائشة وحفصة رضي الله عنهما
أما حديث عائشة ففيه :
أنها اشتكت فطال شكواها فقدم إنسان المدينة يتطبب فذهبا بنوا أخيها يسألونه عن وجعها
فقال : والله إنكم تنعتون امرأة مطبوبة
قال : هذه امرأة مسحورة سحرتها جارية لها . قالت : نعم أردت أن تموتي فأعتق . قال : وكانت مديرة
قالت عائشة : رضي الله عنها :
( بيعوها في أشد العرب ملكة واجعلوا ثمنها في مثلها )
رواه أحمد في المسند . وقال الهيثمي في المجمع : رجال أحمد رجال الصحيح .
وأما حديث حفصة
فقد رواه مالك في الموطأ أنه بلغه أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جارية لها سحرتها وكانت مديرة فأمرت بها فقتلت .
ومن الأدلة أيضًا الواقع ، فإننا لا زلنا نشاهد المسحور يمرض ويموت ويجن ويطلق زوجته وعند القراءة عليه يصرخ ويتصرف تصرف المجانين ويزبد ويتقيأ وغير ذلك من الأعراض التي سببها السحر فكيف يقال بعد ذلك لا حقيقة له .
ومن الأدلة على ذلك أيضًا إجماع أهل السنة على ذلك ، ولا عبرة بخلاف غيرهم ، فلا يغرنك تمويه صاحب الكشاف فإنه كسرة من كسر المعتزلة أعطاه الله بلاغة ومنطقًا حسنًا فسخره في مخالفة المنهج الحق ، فاحذره واحذر تفسيره فهذا فإنه يريد به نصر منهجه الاعتزالي ؛ لأن المعتزلة يعتقدون أن السحر إنما هو خيالات وانفعالات لا حقيقة لها ، وهم بهذا قد سحرهم إبليس بشبهه ونفث في روعهم لمن كيره الخبيث وغرهم بغروره وتزيينه وتلبيسه عليهم ، فالزم جادة الحق واستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، والله أعلم .